Thursday, October 15, 2009

بـــــاب الحــــديد

يعلن مزيع المحطة بصوت شوش وضوحه تتابع دقات قلبي العنيفة وهاتف يرن بإلحاح فوق الطاولة المجاورة.. أن رصيف رقم 1 يستعد لوصول قطار قادم من مدينة تعشق رائحة البحر.. و البحر يعشق فاتنة في البلاد البعيدة !! هل قالها مزيع المحطة حقا ؟ ام فقط توارد الي خاطري هذه اللحظة بالزات ,المفعمة بالتفاصيل ,وجه امل دنقل و صوته الرخيم .. يتلو قصيدة .. مؤكدا علي روعة الأحِبة القادمين من الشمال الفسيح .. تمتزج انفاسهم برائحة اليود البكر و حبات الرمل الصغيرة و المطر

طاولة معدنية تستضيفني داخل كافيتريا تقدم شايا رديئا مصحوبا و بشكل اجباري بقطعة "جاتو" لم اغامر بتذوقها .. بل اكتفيتُ رأفةً بمعدتي التي يجتاحها منذ ايام شيء من ضجر, بإستراق نظرتين متتاليتين كانتا لي عون علي اتخاذ قرار هامٍ مفاده ..أنه مهما تأخر القطار الذي يقل "عزيز عيني" من مدينته المتلاحمة مع زبد البحر .. مقدما لي اياه كهدية صباحية رائعه , تزيد النهار تألقا و جمالا .. فإني سأكتفي بتحمل تبعات الانتظار و عناءاته خارج جدران هذا المكان .. وإن كان البديل المتاح في التاسعة من صباح الجمعة هو الجلوس فوق المقاعد الحجرية الباردة المصطفة فوق رصيف المحطة , تجاورني امتعة احدهم .. أو واقفة ككائن تتحقق ضألته بوضوح تحت الزرقة الفسيحة لجمالون محطة مصر .. يشملني الفراغ الممتد ككون أزرق , تتردد داخل أروقته من آن لآخر أصداء مكبرات الصوت , معلنة عن تتابع حالات القدوم والمغادرة.. ممزوجة بهمهمات البشر المنثورين فوق الارصفة و امام اكشاك الحلوي و الجرائد

الانتظار الانتظار الانتظار

بالإضافة الي ساعتين آخرتين تظهران علي شاشة هاتفين احملهما ..هناك الساعة المعلقة امامي فوق الجدار الممدود رأسيا بدرجة قد تفطن معه , ان إستمرار إستطالته هو أمر لا تظنه ينتهي
لا اكف عن ملاحقة الثواني البطيئة خلال ثلاثتهم في تتابع , كلاعب سيرك , تتبادل بين كفيه الامكنة .. لكرات ثلاث ملونة
اريد ان ارفع عيني الان لأجدة منتصبا امامي بجسده البازخ .. و جـِلدٌ لوَّحت بياضه زخات من شموس متوالية
فأنا يسعدني ان اكون الوجه القاهري الاول الذي يصافح التماعة عينية ,وابتسامته التي تحصرها مجموعة من الاقواس المتوالية يمينا و يسارا ممهدة الطريق لخدين تزيدهما الاستدارة المكتسبه حديثا نضجا و اغواء

القاهرة القاهرة القاهرة

تروقني وجوه القاهره علي تعددها , و تزاحم بعضها في مخالطته لبعضه الأخر .. صور متراكبة تتداخل في جمال احيانا , أو قد يفصح تتابع تكوينتها غير المنسجمة عن جوانب القبح والتشوه في الحالات الاكثر رسوخا في زاكرة تشاؤمية كالتي املكها .. تحتفظ بالألم , و الصور المزعجة اكثر من قدرتها علي تسجيل لحظات مفرحة
هكذا تسللت بعض الافكار المرتبكة الي رأسي المزدحم بفوضي الانتظار, حين وقع بصري غير المستقر مصادفة علي ضلفتي زجاج نصف مفتوح كمقدمة لشباك , في خلفيته مشهد غير واضح لميدان باب الحديد , تسرب الي من خلال ثغرات في التكوين الخشبي للشباك

مكالمه هاتفية اخيرة ..و بكلمات تقطر أحرفها المبللة زهورا .. انعم فيها بقدر وافر من عبارات الغزل "السينيه" التي انتجتها مخيلته الخصبة .. لتكون احرفها المغسولة في بحر استبدلت ملوحته بكميات مركزة من عطر الياسمين ..هي بمثابة الاعلان الاخير عن وصول قطار الاسكندرية الي رصيفه بمحطة مصر
حيث انا الحبيبة تنتظر بصبر لا يفرغ حبيب .. تـُمرغ وجهها في التماعة عينية,
وابتسامة عزبة ..تحيطها اقواس متوالية.. تمهد طريقاً لخدين .. تزيدهما الاستدارة المكتسبة حديثا نضجا و اغواء

Tuesday, August 25, 2009

خــــــــــال مـريم

بعد طول انقطاع عن الكتابة .. اختارك أنت يا الجميلة مريم .. لأبدأ معك البحث عن .. لسان الحكي ..
لسان الحكي يا مريم ..هذا الذي يحارب معي أشباح الخوف حين تطاردني في ليالي الوحدة .. و مسوخ شائهة مصنوعة من عقارب الزمن اللاذع

لســــان الحـــكي
فقد احدنا الآخر في زحام مولد سيقت اليه قدماي يوما يا مريم .. والآن اناجيكي يا الجميلة اسألك بطهارة قلبك الذي مليء بنور البراءة ان تجعلي من عينيك الوضّـاءة لي نور .. اري به في عتمتي

كُوني لي مصباح و طريق نصف ممهده في مغارة أولها تحت جزع الشجرة العجوز, التي اطل عليها من شرفتي, وأخرها يكون الدرب الموصل للسان الحكي
تجربة
هي محاولة يا مريم .. قد تصيب و قد يسوقني قدري الي منطقه أخري ابحث فيها عن قدره أخري و طريقه في الاستبصار تقيني عتمه ليلي الثقيل

لماذا مريم ؟
تسالين يا مريم لما اخترت خضار عيناك ليكون حقل تسافر بصحبته قاطرتي .. مداه بطول رحلتي و الطريق ؟؟
أقولها لك صريحة يا مريم و بلا مواربة ... انت الأثيرة الي قلبه يا الغالية
ما ان تظهر بدايات اسمك علي طرف لسانه حتي تستحيل بقاع التوتر فوق صفحة وجهه انهار من نور ..و تنقشع كل الغيامات يا مريم ويكون القـَــسَم الموصول باسمك دليل قاطع علي صدق القول ..فلا حاجه لأي دليل او إثبات .. فانت الصدق يا مريم وقصيدة .. بل تعويذة يتلوها علي أذن السامع , تتفتح بك لحروفه القلوب و الأذان .. الصدق الخام انت يا مريم, هكذا بدائيا ابديا جميلا.. لم تغير لون صفاءه عكارة الحياة
هـــــــو
احكي لك يا مريم عن خال محمود
يلتقط لك الصور ويملا جيوب أثوابك بالحلوى و العملات ,و أذنيك بالحكايا الشيقة و الأغنيات.. أغنيات حفظها ليلهو بها مع جمال غمازاتك يا مريم
تظهرين في حجرته فتتفتح ابتسامته الطيبة لتظهر معها كل مشاكل اسنانه التي اخفق معها الطب الحديث وفاقم من أمرها ضيق الوقت و صفات منها كونه خال كسول
انت الوحيدة بين أقرانك التي لا يمنعه ضجر او الصداع او مزاج سيئ و طول اصاب يوم العمل, من زجها مطرودة من جنة أعدت له كونه من المتقين .. جدرانها و رديه و سريرها يتسع لفردين .. جنة ولوجها حلم يراود كل طفل و فتي خطت قدميه عتبة هذا الدار

احــــــــبه
لساني يا مريم الطاهرة لا يمل تكرار كلمات الحب علي مسامعه.. لكن بعد وقت , اظن ان بكارة الكلمات قد تصيبها شائبة..لست بالضرورة اعني فقد بكارتها.. و انما استهلاكها قد يخلق اطار مطاطي من ملل
بطريقتك انت يا مريم قولي له .. قولي له عن لساني, و لكن بلسانك الحلو انت الذي يتلون حسب طعم اللوليتا و المصاصه التي تلعقينها .. احمرا او برتقاليا او ورديا
رأيت لك صورة يا مريم بلسان اخضر .. ماذا عساك كنت تأكلين وقتها ؟!
قولي له يا مريم بلون اللسان الذي تفضلينه .. اني احبه حبا لم يعرفه قط قلب انسان
قولي يا مريم
ردددي علي مسامعه
ان لم تبقي رقعه في القلب لم تمس و اني لأجل عينيه ..هو فقط يا مريم .. صنعت قلبا جديدا عكفت عليه أياما طويله .. لم يوقفني قيظ صيف و لا برد شتاء.. عملت عليه بدأب فتاه تحب .. غزلت الخيوط و نسجتها و قصصتها و حكتها قلبا جديدا طازجا لم يمسسه قبله انس و لا جان .. خبريه يا مريم عن ذاك القلب .. لا يشاركه فيه سوي بقايا من حب الوطن ..قلب يتمرغ في رحابته كيف يشاء ..يجري و يلهو و يقعد و يكتب و يغني و يشاهد افلام و ينام ... قولي له ان للقلب شرفة و حديقة .. زرعتها خصيصا له بنجيل اخضر و اشجار سامقات و نخيل .. و لم انس الحشرات الصغار الصفر التي تداعب معصميه والنمل الذي يفضح خطواطه بياض القميص الذي احب .. و سأكون موجوده دائما كي اتتبع باناملي فوق كفيه و معصميه و جسده تلك الحشرات الصفراء الصغيره ..ابعدها تارة ..و الهو بها فوق جلده الناعم تاره اخري ..

امينه انت يا مريم .. اعرف عنك ذلك
اعلميه ان توتري و قلقلي ناجم عن مقدار طاقه لا يسعها قلبي تؤرقني.. قولي له اني فقط اخشي
اخشي يا مريم ان افقده
ان يتركني وحيده في منتصف الطريق .. تصفعني العربات من كل اتجاه فأموت .. ثم اموت..الف مره اموت.. ثم ابعث من جديد معذبه مستذله بنفس الداء والانكسار.. نفس اماكن الردود و الشروخ و الالام
ابلغيه انّا بشر شائهون .. كلانا موصوم بعذابات قديمة واحلام لم يبقي منها –ان بقي- سوي رماد .. وان البر الآمن موجود ..وان يدينا لبعضنا اكثر امننا حتي في عز الخوف من الف شاطيء قريب
واني احبه و اجدد ايماني به كل صباح و مع كل وضوء ..
وانه لي الدنيا اولها و اخرها وانا عوضه عن قسوة الايام
فهلا تماسكنا وتوحدنا و تشكلنا بصلابة مرنة امام هزات الطريق ؟

Wednesday, April 8, 2009

للتأريخ ..ربما

ربما اراني لا اشبهني .. اراني لا اشبه صورتي في المراّه .. اعلم ان التغير هو الاصل في الاشياء ..وان البقع التي يحفرها فوق جلودنا الزمن – بفعل ثقل و رتابه – قبضته .. هي في الاصل ليست سوي اعلان , صمم بطريقة مبتكرة , بهدف الترويج الي مشروع هوية جديدة .. تصلح لفتره زمنيه قد تطول او تقصر
فليتشح كل شخص بالعباءه التي تلائمه ,و ليُحكـِم كل فرد علي وجهه اغلاق قناعه
**********************
اشعر بعشرات التفاصيل التي تتعارك داخل رقعة صغيرة من قلبي لتحظي كل منها بمكان مميز بجوار الشرفة, حتي يتثني لها مشاكسة الرائح و الغادي
و لان المعاني تتفلت مني .. و لاني اجد صعوبة في اقتناص الالفاظ
ربما لانه و بحكم متعسف مني - اعلم تبريراته- قد سجنت الكلمات ,و ارديت المعني قتيلا
معلقا هو فوق مشنقة من المكر الذي ارتكب حماقة افتعالة .. اقولها بصراحة
لقد مللت اللعبة
**********************
لا اتعجب من الذي يشعر بمنتهي الامان في تواجده داخل فقاعة حزنه .. يحبك احكام تدويرها حول جسده الصغير
لكنه وبرحمة من الله , كان قد وُشم في صغره - وفوق رقعة الجلد التي يتدثر بها القلب - بوشم عبارة عن خطوط متشابكة تبدو كخارطه قد تساعد في الخروج من السارديب الضيقه التي تحكم غلقها و توزيع تلافيفها حوله الحياه .. يلزمه فقط الاراده
و ايضا مراّه صغيره .. يشق قميصه امامها و ينظر جيدا في اتجاه القلب عله يعرف الطريق

Wednesday, January 28, 2009

الشمس في يوم مش غائم

(1)
يوم الجمعة و بإصرار حزين طفقت اخرج رويدا رويدا اشق رحم الكون المترع بتكاثف الضباب و الأتربة في مدينة تأبي و ان تفسح مكانا لمزيد من البشر
أيمانا مني بحقيقة أكدتها لي التجربة بان الناس يوم الجمعة تجتاحهم حالة من الطيابة .. فيصبح القليلون اللذين يزرعون الطرقات غبارا في الصباح أكثر بشاشة ,واستعدادا للابتسام, أمام حياة متجهمة , النور في وجهها يزداد أفولا ساعة بعد أخري هؤلاء الطيبون يشمون رائحة الغريب .. و بدافع الفضول ربما او رقة مدخرة في ركن غير قصي من قلوبهم .. تجعلهم قابلون في صباحات الجمع لان يجيبوا اذا ما سئلوا .. بل و يمدون ايديهم في قلوبهم , يفكون عقدة الخرج المصرور علي القليل من المعاني الحلوة.. يكبشون منها و من الابتسامات و الوصفات السهلة المندورة لناس الجمعة .. يعرضون المساعدة لعابري السبيل والتائهين من أمثالي
(2)
تركت لها وجهي تقتات من تفاصيله كيف تشاء صورا بادي الحزن الجسور فيها متصلا بغير انقطاع ولا تقطير .. علّ شره فضولها بعد حين يدركه شبع ..او لعلها تمل هي بحيرتها التي كادت ان تخرجني عن طور الحزن فتضحكني فيتحول توجسها الي حقيقة مؤكده من اني احمل في وعاء عقلي غير قليل من اختلال او خبل
وبين زخات الاستحياء التي تواليني بها كلما باغتها - بتمرس قاهري- رادةً لها نظراتها المنسية فوق تفاصيلي بابتسامة ودودة بعدما التقطّــها من فوق ملابسي بطرفي إصبعين.. سألتها .. هي الأجرة كام ؟
أجابت وقد أشرق وجهها انتصارا 75 قرش.. فبسؤالي هذا قد انفتحت لها بوابات الحوار التي بدت أقفالها صدئه معصلجة
رددت لها الكرّة بتفرسي في الأخاديد المحفورة و المنتشرة بغزارة فوق بياض بشترها اللينة التي لم تستطع النيل من جمال يفترض بحسب قانون الطبيعة ان يكون قد ولي منزويا مستكينا بين تلك الشقوق المتقاطعة علي صفحة وجهها
النبــل البادي علي ملامحها يؤكده في عزة استقامة انفها ,و خضار معنيّ به جيدا ترعرع منتعشا زاهيا في حقل عينيها
ينفذ من بين تقاطعات الخيوط المنسوج منه ثوبها الأسود مكشكش الصدر رائحة شرش اللبن معجونا بما تسجله ذاكرتي من روائح تحت بند " طمي الأرض "
بس 75 قرش؟؟ قلت ذلك وقد تضامن حاجبي المرفوعان مع العبارة تأكيدا للتعجب في المعني المنطوق
هو ده بيروح الحرانية مش كده ؟؟ سألت مستفسرة.. وقبلما تأتيني من ايمائتها الإجابة كان الفتي علي يميني بصوت هادي رزين يؤكد لاحدي الراكبات التي تزامن مصادفة سؤالها مع سؤالي علي انها –أي السيارة -بتروح الحرانيه و الله

و استجابة للعمق اللافت في صوته تحول تجاهه ناظري لبرهة , لم تكن قط كافية لأقطع يقينا خلالها, بأن الجميل في وجهه هو الأنف المرتفع قليلا .. و ليس سمار البشرة او عسل العينين
ردني عنه شغفي برائحة الخصب عن يساري .. فعدت إلي جارتي اسألها .. هي الحرانية اخر الخط ؟فكأن الفتي لم يعجبه تحولي عنه فأجاب شادا خيوط الماريونت التي احكم لفها حول معصميه وترك نهاياتها مربوطة في كل طرف من أطرافي .. الأخر شبرا منت .. انتي عايزة تروحي فين في الحرانية

انتشلني من تلعثم في صوتي كاد ان يكون محققا "التباع", الذي طلب بحسم من الفتي ان ينزل لكي تتمكن السيدة السمينة و ابنتها التي تحتضن
رضيعا من الوصول للكنبة الخلفية دون عائق بشري يشع فــتوة ووسامة
(3)
فوق الخضار الممتد حقلا مثمرا, التابع لمدرسة ويصا واصف بالحرانية بدت الشمس أكثر سطوعا .. و الكون لا يتوقف عن إرسال الإشارات بان يوما جميلا سوف يقتصّ لي من الآلام التي اجتاحتني عاطفيا وبدنيا في الأيام القليلة الماضية و أردتني شبه قتيلة
(4)
بين وجوه الزملاء أتنقل بحثا عن الأقل فضولا لأوطن نفسي بجواره .. و بين الأمكنة عن الأقل إزعاجا, لاتخذه موضعا لم
يكن الرسم في هذا اليوم هو غاياتي .. فحاجتي الي البوح كتابة كانت قد تفاقمت بدرجة استحال معها تأجيل , فكان ان رفعت شعارا استعرته مؤقتا من صديق ..فأخذتُ "اكتب و اكتب و اكتب
وتجاهلت تماما إغراءات المكان التي لم تتوقف عن مراودتي مؤكده علي ان الجمعة هو اليوم المخصص للرسم..فأعدتُ صياغة الشعار ووجدتني لا اتوقف عن كوني "اكتب و اكتب و اكتب
(5)
تتلوي الحروف آلما تحت ثقل أصابعي ثم ما تلبث ان تفقد تماما السيطرة ,فتتخذ من آلامها مبرر لانتقام دموي يظهر في
تعاقب نقراتها الشرسة للحم الورق .. تغرس بوزها المدبب في أنسجته تشرب من دماؤه ثم تنفثها ً في وجه المعني , او تنفجر منتحرة فتتبعثر اشلائها كلاما نصف مقروء يستعصي علي الفهم..عن الشراكة ..و الحب.. و سطوة الاعتياد ..و كنز ايثاكا المزعوم

Wednesday, January 21, 2009

ا"المـــاشي "نائما




قدر الاصدقاء انهم احيانا يكونوا بمثابه حقل لتجريب هوس اصحابهم .. وانا حزرتك من الاول :)
في المرات الجاية - لو كان فيها مرات جاية -هحاول اكون احسن :)


تحيــــاتي

Monday, January 19, 2009

رسالة الي يحيي

وليدي يحيي .. باكورة أطفالي المنتظر
ولـّي مدبراً يا يحيي و لم يعقب.. مع انه يعلم مقدار شوقي و حاجتي إليه
التمس له العذر يا بني فقد فعلتها قبلك,سامح أباك يا بني ..و لا تنسي أن أمك رغم ترنحها لازالت قادرة علي الوقوف تضرعا بين يدي الرحمن سائلة له الخير و السعادة تلفه دعواها كل صباح تماما كسابق العهد..لم تغير عادتها أمك يا يحيي فاسمه ملضوما بالكلمات الطيبة هو باكورة وِردها الصباحي لا يزال..فتغير العادات صعب علي من هن مثل أمك يا صغيري الجميل
اشهر معدودات و حلم جميل
يقول يا يحيي أن الأمر ليس بيده,فصدقة يا ولدي..وان لم تستطع فتجاهل ذلك و تذكر فقط متوالية السعادة التي سلم بيديه المتمرسة طرف ثوبي الهفهاف لأول تروسها تتناولني قطعة قطعة أو أتناولها – ما الفارق ؟ يتلقفني فيها ترس متبوع بأخر في منظومة من يبلغ آخرعتباتها فقد استلقي من فرط الانسجام علي وثارة الأرائك في الجنة متنعما
.. وذلك كان لشهور أربع
وصايا
أوصيك يا يحيي بان تتخذ من امرأته أما لك من بعدي, فهي بلا شك ستكون ودودة حنونة بشوشة مشرقة.. فأباك يا يحيي لن يختار لا بنائه الآخرين – إخوتك يا صغيري – سوي أما صالحة , إن كان يملك -لا زال - الحق في الاختيار

نادها ب "أمي " يا يحيي فلن يؤلمني ذلك ولن احزن,هي ستحنو عليك و تربت علي كتفك الذي ينبئ رغم صغره بعــود ممتد سامق ورثته عنا يا يحيي أباك و أنا
وان تدلل عليك إخوتك الصغار قليلا او غاضبوك فلا ضير.. كن أنت الأخيــّر و اغمرهم بحنانك و حكمة الأخ الأكبر..سيحبونك يا يحيي كما قـُـوبل من قبلك من إخوته بالحب أباك.. وسيضع لك الله سرا بين عينيك,يجعل قلوب الجميع تتفتح بين يديك و تشرق شمسها لك..فامضي منصورا مجبورا يا ولدي بإذن الله
تواصل
وان نـِمت في فراشك يا يحيي ووجدته باردا فتذكر أني من مكاني - أينما كنت وقتها -ابعث إليك بأنفاسي الدافئة تداعب خصلات شعرك السوداء الكثيفة .. واني أهديك أغنية ندندن لحنها سويا فتتمدد روحينا و تستطيل و تكبر مخترقه كل الحواجز اللا مرئية مهرولة نحو بعضها وما ان تتلاقيا روحينا يا يحيي حتي تتلامسا فتتشابكا فتحتضن احداهن الاخري.. فتمتلك أنت الدفيء بحضوري .. وبحضورك أكن انا قد ملك النيا
وصايا 2
أوصيك يا يحيي بان تحب .. أحــِب ما استطاع قلبك ان يحمـِل من جمال و طيابة ولا تبالي بطول السفر و الغياب
فأصحاب القلوب الخضر, أولئك البنفسجيين .. قدرهم ان يسيروا في الأرض و يضربوا ,و بالأحزان هم لا يبالوا, فهم المصطفون ,و هم الأخيار
ارث يحيي
هي سيفك.. بلا..أتكلم عن ضحكتك..تشبه كثيرا ضحكة أباك الشاهقة الشارقة..فحارب بها - كما يفعل هو - المسوخ و الوحوش والتنانين في فزع الشتاء و قتامة لياليه الطويله,و الوحدة و الغربة وألام العامود الفقري و سخافة الإذاعات العربية وكل ما يقهر الأمل داخل القلوب الصغيرة
اطلب من أباك ان يعلمك السباحة في بحر الإسكندرية ثم داعب عمك "الماشي" و اصبب عليه من ملح الماء ثم فـِــر ضاحكا .. وتذكر جيدا(تلك البسمة) النابتة في تربة عينيه الحزينة من وراء زجاج العوينات المخضب ببخار الماء..لا تنساها يا يحيي ما حييت .. ولا تسأله يوما عن سر اودعه قلبه صديق..أرح نفسك ,فهو الصموت,وهو الصديق الزين لكل من سأله المحبة في الله و المودة في القربى
حق اطالب به لا زلت
ربما تجد ضالتك عند عمك " الملك ".. فاذهب اليه
في يدك من الجوافة الحلواني أحمال تغريه بها ,و في عينيك من الثقه دروعا تحميك تدبب طرف نظراته الرشيقة الراشقة,و من باب نصف مفتوح ادخل عليه
أقرؤه السلام و اسأله بعدما تتقاسما أنخابا من عصير الكرم منزوع الخطيئة..و قل له "عمي الملك .. احك لي يا عمي الملك .. ما القصة .. انا ليه ما اتكتبليش اجي و أشوف نور الدنيا ؟؟
سوف يتسع حضنه العريض لك ,فأنت من رائحة الحبايب .. سيقول بعدما تنقشع غيامات الصمت المكـبـِل في حلقة,و بنبرة مثقلة بالجراح نصف المندملة
"واخد يا يحيي من امك عينيها الحزينة و من ابوك السر"
ربما يبوح يا يحيي ويريح قلبينا –انت و انا – وربما تتكور اجابته دمعة يتسع قطرها رويدا في بطن عينية
اوصيك يا يحيي بان تلتقها قبلما يشربها رمل الإسكندرية الذي لا تشبعه ملوحة البحر و الدمع او ماء الشيشة البوري
بين كفيك احفظ دمعة "الملك"و سر بها يا يحيي أعواما .. اعبر بها انهارا .. زر مدنا .. ضاجع نساء .. و ابتاع الحرير و الياقوت و الكوتشيهات باهظة الثمن ,والقليل فقط من التيشيرتات الصفراء .. لقد ارهقني اصفرار الحياه فما بالك بالاقمشه القطنيه حين تصبغ بهذا اللون الرديء
زر اليونان يا يحيي .. وهناك .. بجوار قبر اخيل الذي مات بسهم اصاب كعبه مخلدا مجده.. و بروح ورعه تقيه .. ادفن دمعة الملك .. سوف تنبت علي اسرها الورود و الياسمين و ربما زهرة بنفسج .. لا تهديها لأحد يا يحيي .. فصاحبها يعرفها و سيساق اليها حتما .. في رحلة الله عنده تتمتها
واخيرا
عد يا يحيي الي الديار عبر بوابه الاسكندريه العظيمة ولا تنسي ان تدفع الكارته
سامحني يا يحيي فانا لن اغامر بانجابك سوي من الاب الذي حلمت لك به فلا تبتأس ولا تحزن .. يكفيك فخرا يا بني انه كان لأمك سيفا في وقت عز فيه الحديد .. ولك فكرة في وقت تساقطت فيه الاسهم من البورصات العالمية كعصافير الجنة من بلكونات الادوار العلوية

Friday, January 9, 2009