Monday, September 22, 2008

الهــــروب الكبير

جــَرَح ساقيه حين واتته الشجاعة مرة
زَفـَـر زفرتين أتبعهما بثالثة اخيرة , هم بالبدء عقبهم في تنفيذ خطتة الحلم .. تلك التي ارهقة كثافة مراودتها له مؤخرا كرغبة محرمة تلازم صحوة المضطرب و مناماته القلقة
ولم يكن ليجد الي ذلك سبيلا لولا مشهدا تراّي له ذاك اليوم في لحظة تكثـفت بعدها الاّمه و استفحلت , بدرجة كان لزاما عليه حينها ان يضع حدا لهذا العبث , او فلينفجر منتحرا.. مبددا لمرة واحدة و اخيرة جزيئاته الناعمة الداكنة الشفافة النقية
هو كخادم امين ليس له من امره شيئا الا اتباع مولاه كان عليه ان يتحمل بلا تشكي هذا الايذاء البدني و النفسي مكرها ,حيث تضطره ملازمة قدره التعس الي ان يحيا متخفيا أسفل نعلين تهتكا تحت وطأه ثقل جسد يترنح ترهله فوقهما
لا يتزمربينما كانت زفراته المحترقة تخرج متعاقبة سريعة , كنتيجة طبيعية لما هو واقع تحت وطأته , يطمس ملامحه و دقائق تفاصيله .. بل و يبتلعه بكامل هيئته ابتلاعا في قيظ الظهيرات الصيفية التي تلتهب تحت سياط شمسها المسومة الجلود , وتتلوي في استغاثة غير مجدية الابدان الغارقة في ملوحة تعرقها
هو عادة يبدو متفهما لطبيعتة الفزيائية – "كظل باهت "– ملقي غالبا و بلا اكتراث اسفل سيده ,او مهرولا خلفه يتعفر بدنه بتراب الطريق , ,و احيانا ثالثة يكون هو في المقدمة ,امام سيده, يشده بكل ما اوتي من قوة , كحصان عجوزتنهكه زوايا الميل غير المنطقية المحشورة بين ضلعي مطلع سخيف
يتلقي بصبرعن سيده - الذي لا يشبه - ما لا يفلح السيد في تفاديه من اذي الطرقات .. بل ويجد لنفسه السلوي في محاولاته الدؤؤب لاستنطاق جمال ما ,اخفي عمدا بين تفاصيل الطريق من احجــار و حفــر , او نقــش براعته فطرية لشخــوص , ووحوش , و تكوينات سريالية فوق احد الجدران المتهالكة بــــال فوقها مجهول او بثــق
لا تغريه استطالته و تعملقه في الليالي الشتويه ذات الاضاءات المرتعشة و البرد اللساع , و لا يسوؤه كثيرا تقزمه في النهارات الصيفية الحارة
هو ظل راض عن قدره , متعايشا مع اشجانه التي لا يعرف لها فكاكا ولا تبديلا
كان هذا الي ان رأي في ذات غروب - فيما يري الجالس- ظلا رشيقا يتهادي علي ضفة النهر متشحا بظل ثوب تكاد الوانه من زهاوتها ان تخضب تراب الطريق المفروش تحتها , في طرفه ممسكا بظل سلة تتفلت من خطوطها الخارجية ظلال لزهور صغيرة لا تقدر علي استيضاح تفاصيلها الا عين مدربة علي التعامل مع التداخلات المتناغمة, او فردا من بني الظلال الطيبين
كان ظل الجميلة يطأ الارض بتــؤده فتتبدل الارض و تستحيل دكنة ترابها اخضرار يلون المدي
تـُـحرك رقة النسيم ظلال الوردات الطاله من ظل السلة , فـتنتــشي الطيور فوق الاغصان و تنساب موسيقي الطبيعة في معزوفة عزبة احتفالا بيوم اثتثنائي لم يشهد له النهر و ضفافه من مثيل
شذي البهجة انتشر في المكان و تسلل الي انف " الظل" المسكين الجالس بجوار سيده علي ضفة النهر, ينتظر ظل سمكة تلتقط ظل طعما مشبوكاً في اخــر ظل السنارة المنعكس علي سطح مياه النهر
التفت " ظل" الرجل الذي لا يشبه صاحبه وقد سحره تبدل الكون حوله, فهم بترك سنارته و سمكه و حاول النهوض مسرعا عله يلحق بظل الجميلة شاكرا له علي ما فعله بالكون احلالا و تبديلا , و علي سعادة مُنحت له - هو" الظل" المسكين - الذي لا يشبه صاحبة .. لكن ثقل الجسد القابع بجواره منعه
بين سيده و بين ظلـّها الذي يختفي رويدا مقلتيه لا تستقران
انقبضت تفاصيله في محاولاته المضنية لان يلفت انتباه سيدة عله يرق لحاله ..و يعطيه فرصه لمصافحة ظل الجميله
لكــن بلا طائل كان جهاده .. تملكه الاحباط , فجلس منهكا حزينا يدير وجهه الي سيده الجالس فوق الحشائش النابتة يخنق رقتها بثقله , و الحنق يملأ قلبه الرمادي الملكوم .. يتحرك ظل السناره بين يديه كلما دار وجهه في اتجاه غياب ظلها , وقد أندي خضرة الحشائش من تحته ظل دمعة انسابت فوق تسطح وجهه
في الاسابيع القليلة المتعاقبة لم تكف ذكري ذاك اليوم علي ملاحقته .. كما لم يكف الحنق عن ملازمته .. فاستخدم مشاكسات قد تجعل سيده يمل صحبته , فيعتقه لوجه الله , او يرده الي نخاس في سوق الظلال يجد له سيدا اخر قد يشبهه فيسعد بصحبته
كان "الظل" ما ان يصل الي زحام السوق في قيظ الظهيره الا وتجده قد خرج من مخبأه اسفل النعلين وقد استطال قليلا و تحرك زاغدا و قارصا و راكلا او مادا قدمه قليلا مشنكلا الظلال الاخري التي بدورها تشكو باكيه الي اسيادها فيثأرون لها من سيده الذي يتملكه الحرج فيتمتم معتزرا, ساحبا "ظله " الارعن الي المنزل مستفهما عن الجنون الذي اصابه , بهدوء و روية مرة و بعنف و عصبية مرات .. يتلو عليه الوان العقاب.. و العصي لمن تمنع و عصي
سلوك "الظل" ذاد السيد عنادا فلم يعتقة كما كان منتظرا.. بل حبسه في الغرفة المظلمة , مربوطا في ظل عمود معدني صديء, بلا ظل طعام او شراب , وحيدا حزينا متألما
مـُتـكئاً علي قلبه الحائرغفا "الظل" , بعدما انهكه الجوع و التعب .. فرأي في غفوته ظلها وقد تهادي نحوه رائقا جميلا حاملا له ظل صرة طعام .. و زهرة .. طـَعـِم من يديها و تنسم عبقا ذاد الحب في قلبة اشتعالا .. اسر لها عما ينتويه فكان تبسمها و الايماءة هو اخر ما تلاشي فيها
افاق" الظل " , و قد ازداد قوة و اصرار, اما انا فقد ازدت حيرة و اضطرابا
فقد كان لزاما عليّ ان اجد خاتمة مناسبة سعيدة لهذا الظل و صبيته الحسناء عوضا عن النهايات الحزينة التي تملأ حقائب زهني وواقعي ..
فأنا لم ارد لبطلي نهاية تشبهني
لذا.. فقد ترنحت افكاري بين حللين اذكاهما ساذج
فاما ان اقبل بنهاية فقيرة مكررة كما افلام فريد شوقي , بأن أُوجـِـد لبطلي في الغرفة الفارغة المظلمة حبل ومقص و شباك , و اطار قديم لسياره يباغت به السيد بعد ان يكون قد حلَّ قيده بالمقص ..و استعد بعد ربط سيده في العمود الصدئ للهرب من الشباك , علي ان تكون الغرفة بالدور الارضي حتي لا يتأذي كاحلة اثر القفزة .. او.. ان اترك لكم النهاية تصرّفونها كيفما شئتم.. متمنية لكم حظا اسعد ..وخيال اخصب من فقيري هذا

1 comment: